مجرد شجرة..
بسم الله الرحمن الرحيم
لكي تعيش قصة حب يجب أن تعيش مع أبطالها بمواقفها، لكي تعيش قصة حب يمكن أن تكون المستمع أو الراوي، سأروي لك قصة حب زرعت في الأرض و أينعت في السماء، كشجرة زرعت نفسها في الأرض بثبات، و رفرفت بنفسها بين نسمات الهواء، و كأنها تعيش بجنة لا مثيل لها و من بين الأشجار، بدأت تشق طريقها إلى الحياة و تحاول بأن تحلق بأفرعها في الهواء، لتتنشق الهواء، و تحس بالحياة تدب بين أوراقها، كانت تلك الشجرة مختلفة عن كل الأشجار، من نظر إليها أحس بالحياة، و أراد امتلاكها، لما تحمله من تمرد و شعور بالحياة، فيها سر لم يفهمه أي بشر، حاول الجميع تفسير سر هذا السر المبهم؟؟ و لكن يا للعجب كلما أرادوا التفسير..ازدادت بهم الحيرة.
و على طريق البعيد.... مر طفل صغير لا يتعدى عمره سنين.....توقف الطفل البريء ينظر إلى تلك الشجرة يتأمل و يتعجب و كأنه انبهر بشموخها و حبها إلى الحياة، بات الطفل يفكر فيها، كيف تكون الشجرة بهذا الجمال؟؟ و الوحدة تغزوا تعبيرها..و كأنها خلقت و زرعت لتكون لوحدها..
عند ركن البعيد من ذلك المنزل القديم، فكان قراره زيارتها كل صباح و قبل المساء.....و يحمل حفنة ماء بين أنامله الصغيرة..ليسقي بها الشجرة، كبرت الشجرة و كان ثمرها أشهى من كل الثمار، و كأنها فاكهة نزلت من الجنان...، و طعمها يذوب كالسكر اللذيذ، مرت الأيام و السنون،ولم يأتيها ذاك الحنون.... ماذا حصل لذلك الطفل..لم يعد يسقيها كما كان؟؟ماذا حصل؟؟
أصبحت تنتظره كل يوم؟؟تتحرى شروق الشمس و مغيبها؟؟و الهم يغزوا أغصانها الخضراء و الحزن يبكيها و يقتلها..يدفعها الذبول ، أصبحت الوحدة مصيرها بعدما كانت الجنة الخضراء ملتقاها؟؟!! تخيلت كيف تعيش و كأنها سفينة بلا ربان..كيف توجه نفسها؟؟هل تضحك على نفسها بعذر أو عذرين بأنه سيأتي؟؟ أم تجعل حزنها على مرأى الجميع؟؟!! و كيف و هي تربت و عاشت وحيدة..إلى أن جاء ذلك الطفل ليملأ حياتها سعادة بارتباط جميل..و كأنها لم تعش من فبل؟؟ عاشت معه بكل سعادة؟؟!!كان يسقيها متى احتاجت..من ذلك النبع الحاني..و يأكل من ثمرها متى نضج؟؟كانت تحميه من الشمس و حرارة الجو بأغصانها الجميلة و الوارفة.... كأنها تمد أذرعها إليه لكي تحضنه و تبعده عن ظلم الزمن و شر الناس..كانت و كأنها أعطته كل محبتها و أحبته من بين كل من توقفوا عند جذورها..
يتساءلون و يفكرون كيف عاشت هذه الشجرة من دون مصدر للماء؟؟كيف عاشت من دون سمادها؟و كأنهم نسوا ذلك الطفل البريء الذي تعلم غدر الزمان و تعلم كيف يترك الجذور و كيف يبتعد من دون وداع.....تعلم كيف يكره.....تعلم كيف لا يقول أحبك يا من حففتني بين جذعك و جذورك و ظللتني بفروعك,,,, و يا من بادلتني المحبة بين الناس؟؟و اعترفت بأني إنسان أملك قلبا يحب؟؟ كنت أنت الوحيدة التي أعطتني من ثمرها و شجونها ؟
نسي كل حكايات الحب الذي سطر على جذعها..و القلوب التي حفرها على لحائها؟؟سكتت على آلامها لأنها كانت مجرد شجرة ...ولكن كيف لها ان تتحمل نخر كلمة الوداع الذي حفرها بإتقان فنان؟؟!! و كأنه نسي آلامها و لم ينصت إلى أناتها الخفية؟؟
آااااه أرجوكم استمعوا إلى آهاتها و شجونها و حفيف أغصانها و انظروا إلى اصفرار أوراقها و نحيل جذعها و كأنها امرأة هجرها الحب ليترك الدمار بكيانها..و كأن قلبها سكنه الهم و الحزن... ونسج العنكبوت خيوطه..و هذه الدمعة التي لا تفارق مقلتيها..و البسمة تحجب آلامها و كأنها تريد الابتسامة حتى تتمزق شفتيها من الألم......كأنها تريد الشعور بآلامها بعد تشنجها..كيف لي أن أساعدها..كيف لي أن أخفف عنها..كيف أمسح دمعتها الحائرة بين رمشها و جفنها..و امنع لقائها بخديها.....يا ليتني أستطيع أن أحضنها و أقول لها أن لا تبكي بصمت..لا تذرفي دمعة تحرق جوفك و تلهبك..يا ليتني أعيد إليها رونقها..و اخضرارها..و صفاء روحها.....و أسقيها من نفس ذلك الماء.....لأنه الوحيد الذي يرجع الحياة إلى جذورها
..و يرى عطشها المستميت و لكن للأسف فهي مجرد شجرة و عليها الانتظار أو الذبول بمكانها..
.................................................. ..................